الطالبة “جنات”.. من الظلمة إلى القمة: كفيفة تتصدر صفها في كربلاء وتتحدى المستحيل
في زاوية من زوايا محافظة كربلاء المقدسة، حيث تلتقي القداسة بالإرادة، ويمتزج الصبر برائحة التراب الطاهر، ولدت قصة لا تُشبه غيرها، فتاة صغيرة تُدعى جنات، لم تبصر النور بعينيها، لكن قلبها كان يرى أكثر من الجميع.
جنات لم تر ألوان العالم، لكنها رسمته بإصرارها. لم تقرأ الكلمات على الورق، لكنها كتبت سطوراً من المجد على صفحات الحياة. في عالمٍ يظن البعض أن الظلام فيه نهاية، كانت هي النور المتوهّج الذي شقّ طريقه وسط العتمة، حتى وصلت إلى القمة.
ليست هذه مجرد قصة نجاح عابرة، بل رحلة بطولية من التعليم المسرّع إلى التميز الوزاري، ومن هامش الإعاقة إلى مركز الإنجاز، إنها حكاية فتاة جعلت من الأم مدرسة، ومن الصوت منهجاً، ومن الإرادة جسراً تعبر به نحو الحلم.
من التعليم المسرّع إلى القمة
بدأت جنات رحلتها الدراسية من مدرسة الاهتداء للتعليم المسرّع، حيث آمنت مديرة المدرسة ميـعاد حسين سهر بقدراتها، ففتحت لها أبواب الأمل والثقة. وقالت سهر:
“كنا نعلم أن جنات قادرة على التعلم، فقط احتاجت إلى فرصة. أثبتت لنا أن البصيرة أقوى من البصر، وأن القلب المليء بالإيمان يرى الطريق حتى في العتمة.”
الأم.. البصيرة التي تقود الحلم
بانتقالها إلى متوسطة الرتاج للبنات، واجهت جنات تحديات الدراسة في صفوف اعتيادية، لكن عزيمتها كانت بحجم الحلم، وسندها الأكبر كان والدتها، التي كتبت وذاكرت لها كل يوم، وكانت “عينها الثانية وصوتها الداعم”، كما وصفتها جنات.
وأضافت جنات: “الإعاقة لم تكن قيدًا، بل كانت جزءًا من قصتي. والدتي كانت عيني التي ترى، وصوتها كان مرشدي. لم أسمح لشيء أن يمنعني من النجاح.”
تعليم شامل وبيئة داعمة
مدير قسم محو الأمية والتعليم المسرّع في تربية كربلاء، الأستاذ صفاء مهدي العطار، قال إن قصة جنات يجب أن تُحفّز على تعزيز برامج التعليم الشامل، مشدداً: “نجاح جنات ليس مجرد إنجاز فردي، بل هو جرس إنذار يدعونا لمزيد من الدعم لذوي الاحتياجات الخاصة، باعتباره واجباً إنسانياً وتربوياً، لا ترفاً مؤسساتياً.”
رسالة من نور
ترى جنات أن قصتها ليست سوى بداية، ورسالة أمل لكل من يواجه ظروفاً صعبة. وتقول: “كلما زادت التحديات، زاد إصراري. النجاح لا يُمنح، بل يُنتزع بالعزيمة. سأكمل طريقي لأحقق حلمي وأكون مصدر إلهام للآخرين.”
من الظلام إلى النور
قصة جنات تتجاوز حدود النجاح الدراسي، لتكون صرخة أمل ودرساً في الشجاعة. هي دليل حيّ على أن الروح القوية لا تُهزم، وأن الظلام لا يخيف من يحمل النور داخله.
وتختم جنات: “الإعاقة ليست نهاية الطريق، بل بدايته. والظلام ليس عدوًا إن كنا نحمل النور بداخلنا.”
تعليقات 0